أُنسي الحاج / أجمل أشعار الحب
كلُّ قصيدةٍ هي بدايةُ الشعر
كلُّ حبٍّ هو بدايةُ السّماء.
تَجذري فيّ أنا الرّيح
اجعليني تراباً.
سأعذبكِ كما تُعذب الرّيحُ الشّجَرَ
وتمتصّينني كما يمتصُّ الشّجرُالتّراب.
وأنتِ الصّغيرة
كلُّ ما تريدينه
يُهدى إليكِ إلى الأبد.
مربوطاً إليكِ بألم الفرق بيننا
أنتَزعُكِ من نفسكِ
وتنتزعينني
نتخاطف إلى سكرة الجوهريّ
نتجدّد حتى نضيع
نتكرّر حتى نتلاشى
نغيبُ في الجنوح
في الفَقْد السّعيد
ونَلِجُ العَدَم الورديّ خالصَين من كلّ شائبة.
ليس أنتِ ما أُمسك
بل روح النشوة
وما إن توهّمتُ معرفةَ حدودي حتى حَمَلَتني أجنحةُ التأديب إلى الضّياع
لمنْ يدّعي التُّخمةَ، الجوعُ
ولمن يعلن السّأمَ، لدغةُ الهُيام
ولمن يصيح: لا، لا، ظهورٌ موجع لا يُرَدّ
في صحراء اليقين المظفَّر
ظهورٌ فجأةً كدُعابة
كمسيحةٍ عابثة
كدُرّاقةٍ مثلَّجة في صحراء اليقين،
ظهوركِ يَحني الرّأسَ بوزن البديهة المتجاهَلَة
فأقول له: نعم، نعم
وإلى الأمام من الشّرفة الأعلى
كلّما ارتميتُ مسافة حبّ
حرقتُ مسافةً من عمر موتكَ
كائناً من كنتَ
ترتفعُ
ترتفع جذوركِ في العودة
تمضي
واصلةً إلى الشّجرةِ الأولى
أيّتها الأمُّ الأولى
أيتها الحبيبةُ الأخيرة
يا حَريقَ القلب
يا ذَهَبَ السّطوح وشمسَ النوافذ
يا خيّالةَ البَرق المُبْصر وجهي
يا غزالتي وغابتي
يا غابةَ أشباح غَيرتي
يا غزالتي المتلفّتة وسط الفَرير لتقول لي: اقتربْ
فأقترب
أجتاز غابَ الوَعْر كالنّظرة
تتحوّل الصّحراء مفاجرَ مياه
وتصبحين غزالةَ أعماري كلّها
أفرّ منكِ فتنبتين في قلبي
وتفرّين منّي
فتعيدكِ إليّ مرآتكِ المُخبّأة تحت عتبة ذاكرتي.
يداكِ غصونُ الحرب
يداكِ يدا الثّأر اللّذيذ مني
يدا عينيكِ
يدا طفلةٍ تَرتكب
يداكِ ليلُ الرأس.
تُسكتينني كي لا يسمعونا
ويملأُ الخوفُ عينيكِ
مُدَلّهاً مختلجاً بالرعب
كطفلٍ وُلد الآن.
تنسحب الكلمات عن جسدكِ
كغطاءٍ ورديّ.
يَظهر عُريكِ في الغرفة
ظهورَ الكلمة الأوحد
بلا نهائيّةِ السّراب في قبضة اليد.
مَن يحميني غابَ النّهار
مَن يحميني ذَهَبَ اللّيل.
ليس أيَّ شوقٍ بل شوقُ العبور
ليس أيَّ أملٍ بل أملُ الهارب إلى نعيم التّلاشي.
فليبتعد شَبَحُ الخطأ
ولا يقتحْمنا باكراً
فيخطف ويطفىء
ويَقتل ما لا يموت
لكي يعيش بعد ذلك قتيلاً.
الحبّ هو خلاصي أيّها القمر
الحبّ هو شقائي
الحبّ هو موتي أيّها القمر.
لا أخرج من الظّلمة إلاّ لأحتمي بعريكِ ولا من النّور إلاّ لأسكر بظلمتك.
تربح عيناكِ في لعبة النّهار وتربحان في لعبة اللّيل.
تربحان تحت كلّ الأبراج وتربحان ضدّ كل الأمواج.
تربحان كما يربح الدِّين عندما يربح وعندما يَخْسر.
وآخذ معي وراءَ الجمر تذكارَ جمالكِ أبديّاً كالذاكرة المنسيّة،
يحتلّ كلَّ مكان وتستغربين
كيف يكبر الجميع ولا تكبرين.
ذَهَبُ عينيكِ يسري في عروقي.
لم يعد يعرفني إلاَّ العميان
لأنّهم يرون الحبّ.
ما أملكه فيكِ ليس جسدكِ
بل روحُ الإرادة الأولى
ليس جسدك
بل نواةُ الجَسد الأول
ليس روحكِ
بل روحُ الحقيقة قبل أن يغمرها ضباب العالم.
الشّمس تشرق في جسدكِ
وأنتِ بردانة
لأن الشّمس تَحرق
وكلّ ما يَحرق هو بارد من فرط القوّة.
كلّ قصيدةٍ هي قَلْبُ الحبّ
كلّ حبٍّ هو قلبُ الموت يخفق بأقصى الحياة.
كلّ قصيدةٍ هي آخرُ قصيدة
كلّ حبٍّ هو آخرُ الصّراخ
كلّ حبٍّ، يا خيّالةَ السّقوط في الأعماق، كلّ حبٍّ هو الموت حتى آخره،
وما أُمسكه فيكِ ليس جسدكِ
بل قَلْبُ الله
أعصره وأعصره
ليُخدّر قليلاً صراخُ نشوتِهِ الخاطفة
آلامَ مذبحتي الأبديّة.