أهاج لك الشوق القديم خياله / أبيات في الشوق
- يقول الفرزدق:
أَهاجَ لَكَ الشَوقَ القَديمَ خَيالُهُ
- مَنازِلُ بَينَ المُنتَضى وَمُنيمِ
وَقَد حالَ دوني السِجنُ حَتّى نَسيتُها
- وَأَذهَلَني عَن ذِكرِ كُلِّ حَميمِ
عَلى أَنَّني مِن ذِكرِها كُلَّ لَيلَةٍ
- كَذي حُمَةٍ يَعتادُ داءَ سَليمِ
إِذا قيلَ قَد ذَلَّت لَهُ عَن حَياتِهِ
- تُراجِعُ مِنهُ خابِلاتِ شَكيمِ
إِذا ما أَتَتهُ الريحُ مِن نَحوِ أَرضِها
- فَقُل في بَعيدِ العائِلاتِ سَقيمِ
فَإِن تُنكِري ما كُنتِ قَد تَعرِفينَهُ
- فَما الدَهرُ مِن حالٍ لَنا بِذَميمِ
لَهُ يَومُ سَوءٍ لَيسَ يُخطِئُ حَظُّهُ
- وَيَومٌ تَلاقى شَمسُهُ بِنَعيمِ
وَقَد عَلِمَت أَنَّ الرِكابَ قَدِ اِشتَكَت
- مَواقِعَ عُريانٍ مَكانَ كُلومِ
تُقاتِلُ عَنها الطَيرَ دونَ ظُهورِها
- بِأَفواهِ شُدقٍ غَيرِ ذاتِ شُحومِ
أَضَرَّ بِهِنَّ البُعدُ مِن كُلِّ مَطلَبٍ
- وَحاجاتُ زَجّالٍ ذَواتُ هُمومِ
وَكَم طَرَّحَت رَحلاً بِكُلِّ مَفازَةٍ
- مِنَ الأَرضِ في دَوِّيَّةٍ وَحُزومِ
كَأَحقَبَ شَحّاجٍ بِغَمرَةِ قارِبٍ
- بِليتَيهِ آثارٌ ذَواتُ كُدومِ
إِذا زَخَرَت قَيسٌ وَخِندِفُ وَاِلتَقى
- صَميماهُما إِذ طاحَ كُلُّ صَميمِ
وَما أَحَدٌ مِن غَيرِهِم بِطَريقِهِم
- مِنَ الناسِ إِلّا مِنهُمُ بِمُقيمِ
وَكَيفَ يَسيرُ الناسُ قَيسٌ وَرائَهُم
- وَقَد سُدَّ ما قُدّامَهُم بِتَميمِ
سَيَلقى الَّذي يَلقى خُزَيمَةُ مِنهُمُ
- لَهُم أُمُّ بَذّاخينَ غَيرَ عَقيمِ
هُما الأَطيَبانِ الأَكثَرانِ تَلاقَيا
- إِلى حَسَبٍ عِندَ السَماءِ قَديمِ
فَمَن يَرَ غارَينا إِذا ما تَلاقَيا
- يَكُن مَن يَرى طَودَيهِما كَأَميمِ
أَبَت خِندِفٌ إِلّا عُلُوّاً وَقَيسُها
- إِذا فَخَرَ الأَقوامُ غَيرَ نُجومِ
وَنَحنُ فَضَلنا الناسَ في كُلِّ مَشهَدٍ
- لَنا بِحَصىً عالٍ لَهُم وَحُلومِ
فَإِن يَكُ هَذا الناسُ حَلَّفَ بَينَهُم
- عَلَينا لَهُم في الحَربِ كُلَّ غَشومِ
فَإِنّا وَإِيّاهُم كَعَبدٍ وَرَبِّهِ
- إِذا فَرَّ مِنهُ رَدَّهُ بِرُغومِ
وَقَد عَلِمَ الداعي إِلى الحَربِ أَنَّني
- بِجَمعِ عِظامِ الحَربِ غَيرُ سَؤومِ
إِذا مُضَرُ الحَمراءُ يَوماً تَعَطَّفَت
- عَلَيَّ وَقَد دَقَّ اللِجامَ شَكيمي
أَبَوا أَن أَسومَ الناسَ إِلّا ظُلامَةً
- وَكُنتُ اِبنَ ضِرغامِ العَدُوِّ ظَلومِ